الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

مخلوق يبحث عن خالقه

1 comments

منذ فجر التاريخ والإنسان في صراع فكري دائم , يبحث

 بمقتضى فطرته , وطبيعة وجوده , عن خالقه وموجده , وعن


 الحقيقة وما وراءها , والحياة وأسرارها , والأكوان وحكمة


 وجودها , والمادة وأصلها , والروح وكنُهها .

وكم حاول _ ولا يزال يحاول _ معرفة سر الحياة , وإدراك لغز

 الكون , وحقيقة خالق الوجود.

وطالما تصور الإنساس الخالق بصور شتى تناسب ذوقه

 وعقليته.. وتعالى الله عما نقول علواً كبيراً . وهكذا يخلو


 الإنسان إلى نفسه ,

يسألها وتسأله , ويحاورها وتحاوره : أين راح ملايين البشر


 الذين كانوا قبلنا ؟ وأي جديد نراه إذا نظرنا إلى الماضي


 البعيد؟ وكم ترددت هذه الكلمات : ما هذه الحياة ؟ وما الغرض


 من هذا الوجود ؟ وأين كان الانسان قبل الآن ؟ وإلى أين


 المصير ؟ لا يدري الإنسان من أين وأتى , ولا إلى أين يسير .


 وطالما تاقت نفسه إلى معرفة خالقه وموجده ,ليتحبب إليه ,


ويتقرب منه , ويُقبل عليه , لأنه يُحس حاجته إليه , كما يُحس


 الطفل حاجته إلى ثدي أمه , ويستشعر الحاجه إلى حماية خالقه


 , حيث لا أمل له إلا فيه : ليجد الاستقرار بجانبه , وحتى لا


 يعيش بين الظلام والضباب , والوهم والخيال . وقد رأى أن


 الحياة كعجلة تدور , ولابد أن تأخذ دورتها كاملة حتى نهاية


 الحياة . فإذا بحث الإنسان فيما وراء الأكوان تخبّط في دياجير


 الظنون والأوهام !! . عند هذا لا يجد بُداً من أن يدع الحياة إلى


 بارئها , والأكوان إلى خالقها , فما جئنا إلى الحياة برغبتنا ,


 ولن نتركها بإرادتنا

وتعالى معي _ سيدي القارئ _ بفكرك وعقلك , لنقف على

 شاطئ الحياة ملياً , ونفهم بعض أسرارها سوياً , فسنرى _


 حين ننظر إلى الأطفال _ أننا كنا أطفالا , وسنعلم _ حين ننظر


 إلى الأموات _ أنه لابد يوماً ان نكون أمواتاً , طال العمر أم


 قصر !!, وكذلك نعلم أن من مات اليوم كمن مات منذ آلاف


 السنين , وأن الشباب لن يعود , والموتى لا يرجعون ..


 والإنسان يقف أمام ذلك عاجزاً عن دفع الضر عن نفسه ,  لا


 يمكنه أن يتحكم في دقات قلبه , ولا في حركات أنفاسه , ومهما


 دق فكره , وقوى جسمه , وارتقى عقله فإنه يجد نفسه مقهوراً


 لقوة عُليا . إنها قوة ليس وراءها قوة , إنها قوة عاقلة مدبرة ,


 سرمدية مبدعة , قاهرة أزلية , قادرة أبديه , مسيطرة على كل


 شئ , ولا يسيطر عليها شئ , فلابد من الخضوع لها . حينذاك


 يتطلع الإنسان من ثنايا ضعفه وعجزه إلى تلك القدرة القُدسية


 المدبرة , فيعتصم بها , ويفئ إلى ظلها .. وهكذا يهديه تفكيره 


, وتقوده فطرته إلى الالتجاء إلى خالق الوجود , الذي تنطق


 الموجودات بوجوده , وتؤكد وحدانيته , وتشهد أنه لولاه ما


 كانت هذه الكائنات . ومن هنا يتقرب الإنسان إليه , ويقبل عليه


 , لأنه _ سبحانه _ ملاذ النفس , وملجأ القلب , فيجد عنده


 القوة والنصر , والراحة والأمان , والأمن من الحيرة والضلال


 , والفصل بين الحقيقة والخيال , فكل من في الوجود منه ,


 وإليه يعود ..  والإيمان بالخالق ذخيرة من القوة , تمد البشرية


 بزاد صالح , لا تستمده من غير هذا الطريق , فإن وجود خالق


 الوجود واضح , وتوضيح الواضح إشكال , وإنكار الواقع عمى


 وضلال
 هنالك يطمئن الإنسان ويخلد إلى السكينة والأمان , في جنبات

 رحابه , وحظيرة أنواره : يُهرع إليه إذا أصابه هم أو ألمّ به


مكروه , ويفزع إليه بالتضرع والدعاء , والدموع والبكاء , لأن


الدعاء وصلة بين الداعين وخالقهم , ورابطة بين الناس


 ورازقهم 


" قل ما يعبأ بكم ربي لولا دُعائكم "

وصدقني ياسيدي _ ولا إخالُك إلا مُصدقي _ أن أعجز الناس

 من عجز عن الدعاء والتضرع إلى بارئ هذه الكائنات ,  وكيف


 لا يكون ذلك والخالق يقول : " ادعوني أستجب لكم " , ويقول


 سبحانه : " ..فإني قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعان " ؟ والله


لا يريد من خلقه إلا أن يعبدوه " وما خلقت الجن والإنس إلا

ليعبدون " , ولن يعبدوه إلا إذا عرفوه , ولن يعرفوه إلا إذا


 ذكروه
وقد سهل لنا طريق ذلك بقوله سبحانه وتعالى : "  ولله الأس

ماء الحسنى فادعوه بها " أي سبحوه واذكروه واعبدوه بها ,


 كي نرقى في ذلك إلى أسمى غاية , ونشرب من رحيق المعرفة


 الكفاية , والرسول الكريم يقول : " إن لله تسعة وتسعين


اسماً و من أحصاها دخل الجنة " . ومعنى أحصاها  : حفظها ,


ووعاها , وعدها , ودعا بها , وكرر تلاوتها متخلقاً بها , عالماً


بمعناها .. والله _ سبحانه _ سمى نفسه بما سماها , وجمي


ع الأسماء إلى ربك منتهاها .  وأسماء الله تعالى توقيفية ,


وليست قياسية , والأسماء هي صفاته العليا و وليست ذاته ,


فليس في طاقة إنسان أن يتعرض للحديث عن ذات الله , لصو


ر العقل البشري عن إدراك كُنهها , ولهذا كُلفنا بما في طاقتنا


 من تنزيه الأسماء  , قال تعالى : " فسبح باسم ربك العظيم "


و " سبح اسم ربك الأعلى " . ونُهينا عن التفكر في ذات الله


وصُرفنا إلى التفكير في خلقه .. قال صلى الله علية وسلم : "


تفكّروا في خلق الله , ولا تتفكّروا في ذاته فتهلكوا"  .


 سبحانه
فانظر_ رعاك الله _ إذا حصل لك قبض ماذا تصنع ؟ تقول

 : ياباسط اصرف عني ما أنا فيه . وإذا كنت عاصيا تقول 

ياتواب تب علي . وإذا كنت مريضا تقول : ياشافي اشفني  وإذا كنت ضعيفا تقول : ياقوي قوّني . وإذا كنت ضالا تقول : ياهادي اهدني . وإذا عطشت طلبت الماء ممن أنزله من السماء

أختكم في الله هبه 

One Response so far

  1. Unknown says:

    كلام اكثر من رائع

Leave a Reply